responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 123
قَاطِعًا لِظُلْمِ الظَّالِمِ كَانَ مَوْقِعُهُ أَفْضَلَ، وَفَائِدَتُهُ أَكْمَلَ، فَالنَّصْرُ لَا يَخْلُو مِنْ مِدْحَةٍ لِأَنَّ فِيهِ ظُهُورَ الشُّجَاعَةِ وَإِبَاءَ الضَّيْمِ وَالنَّجْدَةِ.
قَالَ وَدَّاكُ بْنُ ثُمَيْلٍ الْمَازِنِيُّ:
إِذَا اسْتَنْجَدُوا لَمْ يَسْأَلُوا مَنْ دَعَاهُمُ ... لِأَيَّةِ حَرْبٍ أَمْ بِأَيِّ مَكَانِ
وَلَكِنَّهُ إِذَا كَانَ تَأْيِيدًا لِظَالِمٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ، كَانَ فِيهِ دَخَلٌ وَمَذَمَّةٌ، فَإِذَا كَانَ إِظْهَارًا لِحَقِّ الْمُحِقِّ وَإِبْطَالِ الْبَاطِلِ، اسْتَكْمَلَ الْمَحْمَدَةَ، وَلِذَلِكَ فَسَّرَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصْرَ الظَّالِمِ بِمَا يُنَاسِبُ خُلُقَ الْإِسْلَامِ لَمَّا
قَالَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا ومظلوما» فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: هَذَا أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ ظَالِمًا؟ فَقَالَ: «أَنْ تَنْصُرَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَتَكُفُّهُ عَن ظلمه» .
[151]

[سُورَة آل عمرَان (3) : آيَة 151]
سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)
رُجُوعٌ إِلَى تَسْلِيَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَطْمِينِهِمْ، وَوَعْدِهِمْ بِالنَّصْرِ عَلَى الْعَدُوِّ. وَالْإِلْقَاءُ حَقِيقَتُهُ رَمْيُ شَيْءٍ عَلَى الْأَرْضِ فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ [الشُّعَرَاء: 44] ، أَوْ فِي الْمَاءِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ [الْقَصَص: 7] وَيُطْلَقُ عَلَى الْإِفْضَاءِ بِالْكَلَامِ يُلْقُونَ السَّمْعَ [الشُّعَرَاء: 223] وَعَلَى حُصُولِ الشَّيْءِ فِي النَّفْسِ كَأَنَّ مُلْقِيًا أَلْقَاهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ تهيّؤ وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ [الْمَائِدَة: 64] وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ فِي الْجَعْلِ وَالتَّكْوِينِ كَقَوْلِهِ: وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ [الْأَحْزَاب: 26] .
والرعب: الْفَزَعُ مِنْ شِدَّةِ خَوْفٍ، وَفِيهِ لُغَتَانِ الرُّعْبُ- بِسُكُونِ الْعَيْنِ- وَالرُّعُبُ- بِضَمِّ الْعَيْنِ- وَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ- بِسُكُونِ الْعَيْنِ- وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ، وَالْكِسَائِيُّ- بِضَمِّ الْعَيْنِ-.
وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ لِلْعِوَضِ وَتُسَمَّى بَاءَ الْمُقَابَلَةِ مِثْلَ قَوْلِهِمْ: هَذِهِ بِتِلْكَ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: جَزاءً بِما كَسَبا [الْمَائِدَة: 38] ، وَهَذَا جَزَاءٌ دُنْيَوِيٌّ رَتَّبَهُ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 123
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست